سيدتي بعد التحية والسلام، دعيني أشكرك لأنك قبلت بصدرك الرحب التعاطي مع مشكلتي التي قلبت وجداني وزعزعت كياني. أنا إمرأة في العقد الثالث من العمر، ترفعت عن عديد الأمور والاشياء في حياتي حتى لا أقع في براثين ما يشوب شخصيتي وأخلاقي، وقد كنت أحسب نفسي بهذا الترفع سأنال من التقدير الكثير، إلا أنني ولسوء حظي لم أنل سوى الأحزان. من شدة تعففي وطهارتي، لم أخض أي تجربة عاطفية في حياتي، وصبرت إلى أن دق النصيب بابي، حيث تقدم لي أحد معارف زوج أختيـ شخص له من مكارم الأخلاق والسيرة الحسنة ما يجعلني محل حسد وغيرة من طرف كل من هم حولي، رجل شهم رسّم الأمور ولم يكن له في اللف والدوران أي رغبة. تعاهدنا على الوفاء والحلال، ورتبنا لكل صغيرة وكبيرة تتعلق بالزفاف، لأصعق قبيل ايام من موعد العقد المدني بمن كان سيمنحني إسمه يخبرني أنه لا يريد أن يكون بيننا أولاد لا لشيء إلا لأنه نال نصيبه من خلال زوجته الأولى التي منحته البنين والبنات. صدقني سيدتي لم أتمكن من إستيعاب الأمر، ولم أصدق أن صورة الشهامة تلك ستنهار لتبين لي أنني أخطأت الإختيار، فمن فتحت له أسوار قلبي لهو قاب قوسين أو أدنى من أن يجعلني سعيدة إلى جانبه. فما فائدة الزواج إن لم يكن بين الزوج وزوجته ثمرة تكلله؟ وما فائدة التناغم الروحي إن كان هناك تقتير من أحد الطرفين في العلاقة الزوجية على الأخر؟أحيا حيرة ما بعدها حيرة، ولست أجد حلا لما أنا فيه. فهل أوقف مسألة الزواج هاته، وأحتسب أمري إلى الله؟ أم انه عليّ لعب دور من قبلت الأمر وأنتظر حتى أكون تحت سقف واحد مع من يريد هضم حقي لأقع حاملا غصبا عنه واضعه أمام الأمر الواقع؟ نفسيّتي متعبة وأنا أنتظر منك سيدتي ردا يثلج صدري.
أختكم ع.كاتيا من منطقة الوسط.
الرد:
حياك الله أختاه، وكان في عونك لإجتياز هذه المرحلة التي أحسبها عصيبة عليك فالصدمة مروعة ولا مناص لك إلا التحلّي بالرويّة.ليس من الطبيعي أن يجبر أي إنسان شخصا أخر من حق مشروع أو حلم منشود بمدعى أنه صاحب سلطة أو ولاية عليه. وحتى لا أتّهم من تقدّم إليك خاطبا وهو يدرك من أنك عزباء ومن أنه سبق له الزواج، فإنه لا يجوز له بأي حال من الأحوال أن ينتظر عشية ترسيم العلاقة بالعقد المدني ليملي عليك قرارا مصيريا حاسما مثل هذا ويطلب منك تجرّع مرارته.
من باب النّصح ، لست أؤيد فكرة أن تحرمي نفسك مما شرّعه الله ما دمت لا تعانين من أي عارض أو مانع صحي، تليق بك الأمومة يا أروع أنثى صانت نفسها وشرفها من علاقات عابرة، وترّهات لا تسمن ولا تغني من جوع. مادمت في حيرة فإنه لا مناص لك إلا مناقشة الأمر مع زوج أختك الذي لعب دور الوسيط بينك وبين هذا الخطيب الذي ضرب عرض الحائط بأحلامك الوردية وشغفك بأن تكوني أمّا. وعلى أهلك أيضا أن يكونوا على دراية وعلم بما تكابدينه من حيرة وصدمة، حتى إذا بلغت طريقا مسدودا أو نهاية غير متوقعة من فسخ للخطبة ووضع حد للزواج، لم يحتاروا ولم يؤوّلوا الأمر تأويلا قد يضرّك.
بعض النّفوس نخالها سوية ونرسم لها تفاصيل جميلة وكأنّها جاءت من الأحلام ، إلا أنّ واقعها أو حقيقتها أسود من السّواد نفسه، فلا تغترّي أختاه بمن يبدون لك الولاء والرّفعة وبداخلهم خبث لا ينتهي، فزوج مثل هذا الذي حسبته شهما، لا يريدك سوى للمتعة أو لإستكمال مظهره الإجتماعي أمام معارفه وأهله فلتواجهي من أخطأ بخطئه، ولا تعلّقي أحلامك على مشجب غطرسة الغير، تمسّكي بما تريدينه وليذهب من لم يقدّرك للجحيم.رباطة الجأش وقوة الشخصية هي سبيلك للخروج من هذه الحالة، تستحقين من يقدّرك ومن يأخذ بيدك، وتأكّدي من أنك ستكونين أروع أمّ وأحسن زوجة. بعض المنعرجات الخطيرة ضروري علينا المرور بها في حياتنا لأنها ستوعينا وستبيّن لنا قوة شخصيتنا وعمق تفكيرنا فلا تقلقي ، ورزقك الله ما تتمنينه وأزاح عنك ما تتوقينه.



0 تعليق