ألقى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اليوم الثلاثاء 30 ديسمبر 2025، خطاباً موجهاً للأمة أمام غرفتي البرلمان، استعرض فيه حصيلة شاملة للإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأكد ثبات الدولة الجزائرية على خياراتها السيادية داخلياً وخارجياً.
وفي الشق السياسي، نوّه رئيس الجمهورية بالحركية التي يشهدها البرلمان، والتي مكّنته من تكريس صلاحيات السلطة التشريعية، لا سيما من خلال استعمال حق المبادرة باقتراح القوانين، ومنها قانونا الجنسية وتجريم الاستعمار. كما أكد أن الحوار مع الأحزاب السياسية سيبقى مفتوحاً، وستُستجاب فيه كل المطالب المعقولة التي تخدم المصلحة الوطنية.
وشدد الرئيس على أن الإصلاحات ليست ظرفية، بل هي عملية مستمرة تهدف إلى تكريس الحوكمة الرشيدة “من أجل الشعب وبالشعب”، مؤكداً في السياق ذاته أن العدالة ستكون بالمرصاد لكل مظاهر الفساد والاختلال، مع توفير الحماية الكاملة للإطارات النزيهة.
اقتصادياً، أوضح رئيس الجمهورية أن الجزائر حققت إدماجاً فعلياً في حركية استثمارية غير مسبوقة، حيث يشارك المستثمرون الأجانب في 309 مشروعاً استثمارياً، وهو ما يشكل رداً عملياً على من يدّعي عزلة الجزائر. كما أشار إلى تسجيل تراجع في معدل التضخم، معتبراً ذلك مؤشراً إضافياً على سلامة التوجهات الاقتصادية المعتمدة.
وأكد أن الاقتصاد الوطني في حالة “سالمة وسليمة”، مشدداً على أن هذا الإنجاز ليس إنجاز رئيس الجمهورية وحده، بل هو ثمرة جهود جميع إطارات وعمال الأمة، مضيفاً أن من لا يعترف بما تحقق من إنجازات فهو “جاحد وحسود”.
وفي مجال البنى التحتية، اعتبر الرئيس أن ما أنجزته الجزائر في قطاع السكة الحديدية دليل واضح على أن الجزائري عندما يقرر، يصنع المعجزة. كما عبّر عن اعتزازه بالحركية التي عرفتها سياسة الإنتاج الوطني، بعد سنوات من التصحر الصناعي بسبب ما وصفه بـ“هلوسة الاستيراد”، مؤكداً أن نسبة الصناعة في الناتج الداخلي الخام ارتفعت إلى حدود 10% بعد أن أُنزِلت عمداً إلى 3%.
وفي قطاع الصحة والصناعة الصيدلانية، كشف الرئيس أن الجزائر تحقق اليوم أكثر من 80% من الاكتفاء في المواد الصيدلانية، مبرزاً في السياق ذاته وجود 13 ألف مؤسسة ناشئة، بعضها يتمتع بسمعة دولية، ومحيياً شباب هذه المؤسسات الذين آمنوا بقدراتهم وبقدرات بلدهم وشرفوه في الخارج.
وتوقف رئيس الجمهورية عند المشاريع الاستراتيجية الكبرى، مؤكداً أن منجم غارا جبيلات أصبح واقعاً وهو ثالث أكبر منجم للحديد في العالم، مجسداً ما كان يبدو مستحيلاً. كما شدد على أن مشروع الفوسفات ببلاد الهدبة سينطلق فعلياً، وسيُنقل بشكل آمن، مع مضاعفة القدرات الإنتاجية خمس مرات.
وفي المجال الفلاحي، أبرز الرئيس نجاح الفلاحين في إنشاء 15 ألف مؤسسة فلاحية بعيداً عن تحكم الإدارة المركزية، ما انعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني، مؤكداً أن التكنولوجيا دخلت بقوة إلى قطاع الفلاحة. غير أنه اعترف، بكل شفافية، بفشل الجزائر في تحقيق الاكتفاء في إنتاج اللحوم بمختلف أنواعها، ووجّه نداءً لأهل القطاع من أجل التحلي بالغيرة الوطنية، معتبراً أن أموال استيراد اللحوم أولى بها أبناء الجزائر.
اجتماعياً، أشار رئيس الجمهورية إلى ارتفاع معدل الأمل في الحياة بالجزائر نتيجة القضاء على العديد من الأمراض، مبرزاً أن التلقيح يُعد أمراً عادياً لدى الجزائريين، لكنه استثنائي في كثير من دول العالم. كما أكد أن الدولة لن يُسجّل عليها التاريخ أنها أوقفت دعم المواطن البسيط، وأن القدرة الشرائية محمية في حدها الأدنى، مع التصدي اليومي لكل من يسعى إلى كسرها أو استهداف امتيازات الدولة.
وأوضح الرئيس أن القدرة الشرائية لا تُقاس فقط بالأجور، بل كذلك بدعم أسعار المواد الغذائية والماء والكهرباء والسكن، وبمجانية التعليم. كما ذكّر بأنه منذ بداية العهدة الأولى تم إنجاز مليون و700 ألف سكن، كاشفاً عن خفايا من العهد السابق تتعلق بإلغاء استفادة البعض من أراضي سيدي عبد الله، لإعادتها إلى الشعب عبر مشاريع السكن.
وفي سياق آخر، أمر رئيس الجمهورية الوزير الأول بالشروع فوراً في إنشاء محطتي تحلية مياه بكل من تندوف وتمنغست.



0 تعليق