سلطت صحيفة "جارديان" البريطانية الضوء على تأثير الأزمة المالية على احتفالات عيد الفطر المبارك في لبنان، مشيرةً إلى أنَّ الأزمة تحرم الكثيرين من العادات الشرائية المتعلقة بالعيد.
وفي تقريرٍ تحت عنوان:" أزمة لبنان المالية تعصف بالعيد: لا شيء للاحتفال به هذا العام"، استهلت الصحيفة بمشهد في أحد محال الحلويات في جنوب بيروت، مشيرة إلى أن صاحبه أحمد حسين اعتاد على مدار أكثر من عقدين أن يقضي الأيام الأخيرة من شهر رمضان في تجميع معروضات من الحلويات استعدادا لذروة المبيعات قبيل العيد.
فاحتفالات عيد الفطر التي تتواصل ثلاثة أيام تتويجا لصيام الشهر الفضيل، كانت بمثابة حدث سنوي يتباهى فيه الزبائن في لبنان بالإنفاق على الحلويات والملابس الجديدة.
لكن في ظل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يشهدها البلد العربي هذا العام، فإن ما يبعه أحمد وأصحاب المحال المجاورة في أحد فقر أحياء بيروت تراجعت بدرجة تفوق إمكانياتهم الخاصة.
ففي شوارع حي السلم يبدو القلق واضحًا، حيث تستطيع أن تسمع سيدة تسير غاضبة في شارع عادة ما كان مزدحما، وهي تلعن الأسعار في المحال التي خرجت منها للتو، والتي لم تعد تستطيع أن تتحملها.
وتضاعفت الأسعار في لبنان خلال الشهرين الماضيين، الأمر الذي ترك السلع الأساسية خارج متناول أكثر من نصف السكان.
وفي محل أحمد، لم تكن نصف الصواني الخالية من الكنافة والبقلاوة دليلًا على مبيعات ما قبل العيد، لكن بسبب عجز المالك على تخزين سلعته التي قل عدد من يشتريها.
وعن هذا يقول: "أنا فقط أغطي الديون هذا العام. أنه أسوأ وقت على الإطلاق".
من جانبه، قال محمد سائق أتوبيس عام لكنه عاطل حاليا ويعيش في نفس الحي: "زوجتي كانت تريد ان تذهب لتشتري لي قميصا من أجل العيد. قلت لها إنها مجنونة، فعليها أن تحتفظ بالمال لشراء كميات محدودة من الطعام نستطيع أن نتحملها. لا يوجد شيء نحتفل به هذا العام".
وأضاف محمد (في أواخر الخمسينات من عمره):" حتى أثناء الحرب الأهلية كانت الأموال متوفرة ولم يعاني أحد من الجوع".
واستطرد:" كانت هناك طوابير أمام المخابز في أحلك الأوقات ولكن الناس كانوا ينتظرون للدفع، أما الآن هي فقط رفاهية، ما كان يعتقد أن يحدث هذا؟".
وخوفا من نقص المواد الغذائية، بدأ بعض المتاجر الكبيرة تحديد حصص للعملاء بوضع حد لعدد الأشياء التي يمكنهم شراؤها في الزيارة الواحدة.
وطالب السياسيون اللبنانيون بمساعدات دولية، فيما اعترف رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب بأن لبنان على حافة "ازمة غذاء لا يمكن تخيلها".
وكتب دياب في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الضربة الثلاثية لفساد الدولة المتأصل وعدم وجود قطاع زراعي والركود الناتج عن فيروس كورونا المستجد مسئولة عن هذا الوضع.
من جانبها، قالت آية مجذوب الباحثة اللبنانية في منظمة هيومن رايتس ووتش إن الأمن الغذائي كان ينكمش بشكل سريع، مشيرة إلى أن:"الناس بالفعل يقللون استهلاكهم للحوم واستبدلوا بدائل رخيصة بها".
وأضافت: "قريبًا، قد يتعذر على عدد كبير من السكان تلبية الحد الأدنى اليومي من متطلبات الغذاء، ما قد يكون له عواقب وخيمة على الصحة العامة، بما في ذلك إعاقة النمو البدني والمعرفي للأطفال وجعل السكان أكثر عرضة للإصابة بالأمراض."
ويعاني لبنان أزمة اقتصادية أصابته بالشلل وشهدت شحا في الدولارات وفرض البنوك قيودا صارمة على حركة رؤوس الأموال وارتفاع معدل البطالة وتخلف البلاد عن سداد ديونها السيادية في مارس، وكل هذا حتى قبل الضربة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا.
فقد انهارت الليرة اللبنانية في سوق موازية خارج البنوك التجارية، مما أدى لارتفاع أسعار الغذاء إلى المثلين منذ يناير في البلد المعتمد على الواردات مما أدى إلى تفجر اضطرابات شهدت إضرام النيران في بنوك في أنحاء البلاد ومقتل أحد المحتجين.
النص الأصلي
0 تعليق