بعد إلغاء حد "الردة" وتقنين الخمور وتجريم الختان.. هل يستقر السودان؟

SputnikNews 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تباينت آراء المراقبين حول تلك التعديلات، حيث يرى فريق أنها مطلب شعبي وثوري ولا مفر من انتهاج التوجه الغربي بشأن حقوق الإنسان، في حين يرى آخرون أن القوانين لا تصلح وحدها لتغيير ثقافات وتقاليد وأعراف الشعوب.

© REUTERS / MOHAMED NURELDIN ABDALLAH

وتلك القوانين وإن كانت مقبولة اليوم لدى الفريق الذي يمتلك الصوت العالي بحكم السلطة، فإنها مرفوضة من فئات أخرى لا تستطيع التعبير الآن، وبالتالي هذا يولد صراعات غير معلنة قد تليها انفجارات جديدة.

مطلب شعبي

قال فيصل علمنة، عضو الجبهة الثورية السودانية، إن إلغاء حد الردة وإتاحة تناول وتداول الخمور لغير المسلمين وختان الإناث، جميعها تصب في الخط الذي تنتهجه الثورة السودانية فيما يتعلق بحرية الإنسان، وهذا الخط يستند إلى التوجه الألماني في هذا الشأن.

وأضاف علمنة لـ"سبوتنيك"، أنه "نظرا للتعدد القبلي والإثني والديني والسياسي والثقافي في السودان، كان لا بد من إعلاء قيمة الإنسان قبل كل شىء، هناك بعض الشعوب أو المجتمعات في السودان، شرب الخمور من العادات والتقاليد لديهم منذ الأزل، فلا يمكن أن يقوم فصيل بعينه بتطبيق معتقده على الآخرين، يجب أن يكون الجميع أحرار، فيما يعتقدون وفق تقاليدهم وعادات في مجتمع علماني يحتوي الجميع".

وأكد عضو الجبهة الثورية، على أن إلغاء حد الردة وإتاحة تناول وتداول الخمور لم يكن مطلب للجبهة الثورية فقط، بل كان مطلبا لجميع السودانيين، فقد عاش الشعب السوداني عقودا تحت نير حكام لهم نزعة التيارات الإسلامية، أما الآن فجميعنا يحاول إرساء قواعد لمشروع الوطن الذي يحتوي الجميع، وهذا التعديل يلقى قبول شعبي كبير ويعبر عن نبض الشارع.

القوانين لا تكفي

© REUTERS / STRINGER

من جانبه، قال نبيل أديب محامي حقوق الإنسان ورئيس لجنة التحقيق في مجزرة الخرطوم بعد الثورة، إن "العديد من قيادات العمل الإسلامي يرى أن حد الردة لا أساس له في الشريعة الإسلامية ومن هؤلاء الصادق المهدي والترابي، لذا فإن إلغاؤه لا يعد تعديا على الحدود".

وأضاف الخبير القانوني لـ"سبوتنيك"، "أما بالنسبة لعملية شرب الخمور وتداولها، هذا الأمر خاص بغير المسلمين، وهو متاح في الكثير من قوانين الدول العربية والإسلامية، وما يتعلق بالختان وتجريمه، الختان عادة قبلية ومجتمعية تتسبب في أذى للمرأة وتعد تعديا على حقوقها، لذا فتغليظ العقوبة يعد أحد المطالب، لكن القانون وحده لا يكفي ويجب أن يكون هناك وعي وثقافة مجتمعية".

إشعال الفتن

وقال بروفسير مالك حسين المرشح السابق لرئاسة الجمهورية السودانية، إنه "ليس من حق السلطة الحالية تغيير أو سن القوانين، لأنها سلطة غير شرعية والوثيقة التي جاءت بتلك الحكومة غير شرعية، وكل ما بني ويبنى عليها باطل، حتى وإن تم تعيين مجلس تشريعي".

وأضاف المرشح السابق لـ"سبوتنيك"، أنه "لا يحق للحرية والتغيير والمجلس السيادي تعديل القوانين، هذا الأمر يحدث لو أن الأمر هو انقلاب عسكري من البداية، الانقلاب العسكري يستطيع عمل مراسيم دستورية يغير ويعدل بها القوانين، لكننا الآن في ظل نظام دستوري ديمقراطي، والوثيقة الدستورية لا تعدل، لذا فنحن ليس لدينا أي وسيلة لسن القوانين سوى من مؤسسة تشريعية منتخبة".

وتابع مالك، أن "الفترة الانتقالية مهمتها معالجة الأمور بشكل مؤقت، ولا يجوز أن تكون بها أعمال طويلة الأمد، مثل تعديل القوانين ونظام الحكم، والحكم هو نظام دستوري، والنظام الدستوري لا يأتي إلا من تشريع معين، وما يحدث لا يمس العرف ولا الدستور ولا التشريع".

© REUTERS / Hannibal Hanschke

وأشار مالك إلى أن التعديلات والتغييرات يجب أن تأتي من نظام دستوري منتخب ومنظم، وهذه التعديلات غير دستورية ولن يقبلها الشعب السوداني، وهذا التعديل سوف يؤدي إلى فتن كبيرة جدا وصراع بين اليمين واليسار وعدم استقرار، وصراع بين اليسار والقوى المعتدلة في الشعب السوداني، والحل الوحيد هو الانتخابات المبكرة، ولا يحق للحركات المسلحة أن تحكم.

تنقيح القوانين

قال خليل أحمد دود الرجال رئيس مفوضية العدالة الشاملة بالسودان، أنه "حسب رأيي، المادة التي أضيفت في قانون العقوبات والخاصة بختان الإناث هى مادة ممتازة، نظرا لما لهذه العادة من أضرار صحية تلحق بالنساء، في ظل فقر بلادنا للمرافق الصحية في مجال التوليد خاصة، إذ أن تلك العادة لها تأثير سلبي على عملية الإنجاب بحسب خبراء الطب".

وأضاف رئيس مفوضية العدالة لـ"سبوتنيك"، "نبارك الخطوة تماما ونأمل أن يتم ترقيع وتنقيح القوانين السودانية من جميع الشوائب الضارة، التي ألحقها بها النظام السابق، وأخص بالترقيع القانون الجنائي السوداني، وهذا القانون الذي لم تتسم مواده بصفة الإلزام والوجوب، وفي اعتقادي أن الغالبية من السودانيين سيكون وراءها في ظل نشر الوعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتأكيد يرفضه البعض لأن هناك من يتمسكون بعادات وتقاليد اسلافهم، وإن كانت ضارة أو غير ذلك لكنهم بالطبع هم أقلية".

وصادق رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، على حزمة تعديلات قانونية ألغي بموجبها حد الردة وسمح لغير المسلمين بشرب الخمور وحيازتها وبيعها بجانب تجريم ختان النساء.

© REUTERS / Mohamed Nureldin Abdallah

إصلاح المنظومة العدلية

واعتبر رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، التعديلات الجديدة بمثابة خطوة هامة في طريق إصلاح المنظومة العدلية، مؤكدا في تغريدة على "تويتر" أن عملية مراجعة وتعديل القوانين ستستمر لإكمال كافة التشوهات في النظم القانونية السودانية.

وطالت التعديلات حزمة من المواد كان يرى البعض أنها تحط من قدر وكرامة المرأة، حيث جرم ختان الأنثى، وتم الإقرار بحق السودانية في اصطحاب أطفالها في حال السفر إلى الخارج دون أخذ أذن الزوج، بالإضافة لإلغاء المادة الخاصة بالزي الفاضح.

ومنعت التعديلات الجديدة تطبيق حكم الإعدام على من لم يبلغ سن الثامنة عشرة من عمره، واستثنت أيضا من بلغ سن السبعين من حكم الإعدام، فيما عدا جرائم الحدود والقصاص والجرائم الموجهة ضد الدولة وجرائم المال العام.

ويشهد السودان منذ 21 أغسطس/ آب الماضي، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي.

0 تعليق